إضاءات عن الملتقى الدولي الثاني حول اللبان والنباتات الطبية بجامعة ظفار
أ . د. لؤي رشان :
الملتقى يعد نقلة نوعية في مجال أبحاث اللبان والنباتات الطبية ... وهنالك أبحاث جديدة لأول مرة التحولات الاقتصادية والصناعية والبعد الثقافي والحضاري للبان العماني ضمن محاور الملتقى.
يرتبط اللبان ارتباطًا وثيقًا بتاريخ عُمان حيث كانت تُعرف محافظة ظفار، منبت شجرة اللبان، باسم "أرض اللبان". والكثير من الأدلة التاريخية والعصرية تدعم تسمياتها فكل جانب من جوانب الحياة القديمة كان مرتبطاً باللبان وهكذا ، فليس من المستغرب كذلك وجود اللبان في كل بيت عماني إلى يومنا الحالي. إنه العطر المعروف في أجزاء كثيرة من العالم لكن فوائده الطبية المحتملة لم يتم استغلالها بالكامل. تقع محافظة ظفار في جنوب سلطنة عُمان، محاطة بالمحيط الهندي على جانبها الجنوبي وبسلسلة جبال القرا شمال سهولها الساحلية. موقعها في الساحل الجنوبي العربي يجعلها فريدة من نوعها، لأنها تتمتع بهطول الأمطار الموسمية لمدة ثلاثة أشهر سنوياً في موسم يعرف باسم الخريف. مدينة صلالة هي عاصمة محافظة ظفار ويحيط بالمدينة قوس من جبال ظفار ذات المناظر الخلابة، بما في ذلك جبل سمحان الوعر وجبل القمر وتضاريس جيولوجية أخرى. من الناحية السياحية، تعتبر ظفار وجهة رائعة على مدار السنة حيث تتميز بفصل شتاء مشمس ودافئ و رياح موسمية لطيفة بالإضافة إلى العديد من المناطق الجاذبة للزوار.
تعتبر محافظة ظفار منطقة مهمة وغنية بالتنوع الحيوي النباتي والحيواني والبحري. تضمّ أرض اللبان اكثر من 58٪ من النباتات المعروفة في السلطنة والتي تتمثل في أكثر من 800 نوع. تم العثور على معظم أنواع النباتات المزروعة والطبية والبرية في المناطق المرتفعة من محافظة ظفار. تاريخياً، تم استخدام المنتجات الطبيعية (المستقلبات الثانوية) منذ العصور القديمة وفي التراث الشعبي لعلاج العديد من الأمراض، كما أنها كانت المصدر الأكثر نجاحاً لعقاقير محتملة. المنطقة غنية بالنباتات والأشجار مثل أشجار المرّ (Commiphora) وأشجار اللبان (Boswellia) وأشجار الصمغ العربي (Acacia) و شجرة السغوت (Anogessius dhofarica) ونباتات الصبر الظفاري (Aloe dhofarensis) والصبر الحقيقي (Aloe vera) والعديد من النباتات الأخرى المثيرة للاهتمام التي تنتظر استكشافها حيث يُعتقد أن هذه النباتات قد تلعب دورًا في علاج بعض أمراض العالم الحالية والمستقبلية.
يتم استخراج راتينج الصمغ العطري الفريد من نوعه من العديد من أنواع شجرة اللبان والتي تتضمن حوالي 23 نوعا علميا والمنتشرة في دول عديدة منها الهند واثيوبيا والصومال واريتريا من جنس Boswellia بما في ذلك شجرة اللبان العماني نوع Boswellia sacra (من جنوب الجزيرة العربية شبه الجزيرة).
تنظم جامعة ظفار الملتقى الدولي الثاني حول اللبان والنباتات الطبية في الفترة ما بين 3-4 سبتمبر 2023 في رحاب جامعة ظفار. بحضور باحثين وخبراء من جامعات ومعاهد وشركات غربية وآسيوية وعربية ومحلية وأكثر من 45 متحدثا لأوراق وبحوث علمية مبتكرة وسيتضمن الملتقى مسارين متزامنين حيث المسار الأول بعنوان "علم الأحياء، علم الأدوية، شجرة اللبان (الماضي والحاضر والمستقبل)" والمسار الثاني بعنوان "الكيمياء والتوليف وصياغة المكملات الغذائية ومستحضرات التجميل". سيكون الملتقى عبر الحضور الشخصي وعبر الإنترنت لبعض المتحدثين. ويشمل الملتقى عروضا تقديمية من قبل المتحدثين الرئيسيين، وكبار العلماء الأكاديميين، وعلماء البحوث المتعلقة بالنباتات الطبية والتغذية، والطب النباتي، والكيمياء الطبيعية، والصناعات ، وسيتضمن الملتقى أيضاً جلسات عامة وعرض للملصقات العلمية ومنتجات اللبان.
الهدف الرئيسي للملتقى هو التركيز على البحث والتطوير في صناعة اللبان والنباتات الطبية من خلال نقل المعرفة إلى قطاعات الصناعة. سيساعد هذا في ربط الأنشطة العلمية والابتكارية في المجالات الحيوية والكيميائية والتقنية الحيوية والعلوم الطبية والصناعة والصحة لتوفير منصة للتبادل والتعاون الدولي مع التركيز على طب الأعشاب التقليدي والطب الحيوي. علاوةً على ذلك، سيساعد الملتقى في تعزيز مكانة اللبان والنباتات الطبية الأخرى كجزء مهم من التراث الثقافي العُماني والعالمي.
ويشكل الملتقى الدولي الثاني للبان ومن خلال شعار"من أجل الارتقاء في تطوير المعالجة بالنباتات " طرح دراسات جديدة وذات تجارب وأهمية علمية بالغة حول فاعلية صمغ وزيت اللبان العماني ، كما سيتم الحديث عن تطوير العديد من المنتجات من صمغ اللبان كمكملات غذائية وبأشكال صيدلانية متعددة.
وأما في مجال النباتات فمن الدراسات المستحدثة التي ستجد طريقها في الملتقى ولأول مرة دراسات نوعية ومميزة تمت على أحد مستخلصات النباتات المعروفة وآلية تأثيراتها على المستوى الجزيئي في أنابيب الاختبار وداخل الجسم وكذلك سميتها على أعضاء الجسم وعلى الجينات ، إضافة إلى دراسات عن الفطريات والطحالب والأعشاب البحرية والطرق الجديدة لاستخلاص الماد الفعالة منها ومن النباتات الأخرى.
كذلك سيتضمن الملتقى بعض الدراسات الكيميائية المميزة وتصنيع بعض المركبات المهمة على مستوى المختبر لغرض الاستفادة منها في العديد من المجالات الصيدلانية والصناعية.
ويمثل ملتقى اللبان الدولي الثاني وبتلك المشاركة الدولية والمحلية الفاعلة حلقة من حلقات التطور البحثي والعلمي لجامعة ظفار ومركز أبحاث اللبان بالجامعة ويعد نقلة نوعية في مجال تطوير واستكشاف الدراسات العلمية والبحثية في مجال اللبان والنباتات الطبية التي تشكل رافدا ودورا مهما في الإنجازات العلمية وتسهم في ملامح التحول الاقتصادي والصناعي بسلطنة عمان.